قصص القرآن والحياة...2 اسماعيل ..وكنعان الطاعة والعصيان
كاتب الموضوع
رسالة
زائر زائر
موضوع: قصص القرآن والحياة...2 اسماعيل ..وكنعان الطاعة والعصيان الخميس أغسطس 21, 2008 4:47 am
(إسماعيل (عليه السلام) وكنعان) ـ الطاعة والعصيان
هذان نموذجان قرآنيان متقابلان آخران يقفان على طرفي نقيض وهما :
(إسماعيل) (عليه السلام) ابن النبيّ إبراهيم (عليه السلام)
و (كنعان) ابن النبيّ نوح (عليه السلام) .
المشهد الأوّل :
دعوة للهلاك
في هذا المشهد نرى إبراهيم (عليه السلام) وقد أراد تنفيذ الرؤيا التي رآها في منامه وهو يذبح ابنه ،
ورؤيا الأنبياء (عليهم السلام) كما هو معلوم وحي ، فماذا دار بينهما من حوار ؟ إبراهيم (عليه السلام) : (قال يا بُنيّ إنِّي أرى في المنام أنِّي أذبحك فانظر ماذا ترى ) .
إسماعيل (عليه السلام) : (قال يا أبت افعل ما تُؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين ) .
المشهد الثاني :
دعوة للنجاة
وفي مقابل هذا المشهد ،
هناك مشهد آخر مغاير تماماً ، نرى فيه نوحاً (عليه السلام) وقد اكتسح الطوفان الأرض يدعو ابنه إلى الركوب في السفينة حتى لا يتعرّض إلى الغرق والهلاك ،
فيأبى الابن ويرفض الدعوة متذرعاً بأ نّه قادر على الحصول على النجاة بالصعود إلى قمّة الجبل ، وهذا هو نصّ الحوار :
ـ نوح (عليه السلام) : (ونادى نوحٌ ابنه وكان في معزل يا بُنيّ اركب معنا ولا تكن مع الكافرين ) . ـ كنعان : (قال سآوي إلى جبل يعصمني من الماء ) .
ـ نوح (عليه السلام) : (قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلاّ مَنْ رحم ) .
ويسدل الستار على المشهد بهذه اللقطة :(وحال بينهما الموج فكان من المغرقين ) .
مقارنة بين المشهدين :
1 ـ في المشهد الأوّل دعوة من الأب إلى ابنه لعملية ذبح ، يذبحُ فيها الأب ابنه الحبيب العزيز ، الغلام الحليم ، امتثالاً لأمر الله سبحانه وتعالى .
وفي المشهد الثاني ، دعوة من الأب إلى ابنه إلى النجاة والحياة .
2 ـ في المشهد الأوّل استجابة فورية ـ من الابن المطيع ـ بلا تردّد لتنفيذ إرادة الله .
وفي المشهد الثاني عزوف وإعراض وإشاحة وكلام جاف من قِبل الابن الضالّ .
3 ـ في المشهد الأوّل انقلاب في الموقف حيث ينجو (إسماعيل) الممتثل لطاعة الله سبحانه وتعالى ، بأن يفتديه أبوه بكبش بناء على طلب الله عزّ وجلّ .
وفي المشهد الثاني انقلاب في الموقف أيضاً حيث يموت (كنعان) العاصي العاق الذي تصوّر أ نّه في غنى عن السفينة التي تمثلُ النجاة ، وأنّ الجبل سيكفل له السلامة من الغرق ، رغم تحذيرات الأب أنّ النجاة في (السفينة) وليست في (الجبل) لكنّه أصرّ على موقفه المعاند .
دروس القصتين :
1 ـ إسماعيل (عليه السلام) كما يصفه القرآن (غلام حليم)
وكان أبوه إبراهيم (عليه السلام) قد طلب من الله أن يرزقه الولد الصالح (ربّ هب لي من الصالحين ) فكان ابناً صالحاً وحليماً ومطيعاً لله وبارّاً بأبيه ،
وكما هو واضح فإسماعيل نموذج إيجابي للابن البارّ المطيع .
أمّا (كنعان) فقد عبّر عنه القرآن بأ نّه (عملٌ غير صالح)
وذلك حينما استوضح نوح (عليه السلام) من ربّه عن سبب هلاك ابنه باعتباره من أهله الذين وعد الله بنجاتهم ،
فجاءه النداء : (إنّه ليس من أهلك إنّه عملٌ غيرُ صالح ) لأ نّه عاص متكبّر مغرور وعاق لوالده .
ولذا فنحن أمام نموذجين للأبناء :
صالح يمثله إسماعيل (عليه السلام) وغير صالح يمثله (كنعان) .
ومعيار الصلاح وعدمه هو (الطاعة لله) و (برّ الوالدين) .
2 ـ الطاعة في المشهد الأوّل طاعة لله تبارك وتعالى ، وإعانة للأب على هذه الطاعة ، وهي من أجمل وأعظم صور الطاعة ، كما أنّها إطاعة للنبي المأمور من قِبل الله .
والمعصية في المشهد الثاني معصية لله ومعصية للرسول ، فنوح لم يكن أباً لكنعان فقط ، وإنّما رسوله ونبيّهُ ، علاوة على أ نّه عقوق للأب الشفيق الحاني .
3 ـ نتيجة الطاعة في المشهد الأوّل (النجاة) و (النجاح) والمثل الإيجابيّ الخالد .
ونتيجة المعصية في المشهد الثاني (الهلاك) و (الخيبة) والمثل السلبيّ السيِّئ .
4 ـ أبناء المؤمنين الصالحين يجدر بهم أن يكونوا مؤمنين صالحين أيضاً لا بالتبعية والإلحاق ،
وإنّما لأ نّهم ينشأون في وسط أسرة صالحة مباركة ،
ولذا فالمرجوّ منهم أن يكونوا نواة لمجتمع صالح ،
وكلّما احترموا موقع آبائهم في المجتمع فكانوا مثلهم أو أكثر في إيمانهم ونُبل أخلاقهم وصلاح أعمالهم ، كان ذلك أدعى إلى اعتبار الأسرة مثلاً يقتدى .
أمّا أبناء المؤمنين الذين ينحرفون عن خط الصلاح ، فهم يسيئون مرّتين ،
مرّةً إلى أنفسهم باختيارهم الطريق الأعوج المنحرف ،
ومرّة إلى آبائهم ، فمن عادة الناس أن يقرنوا بين الأبناء وآبائهم .
التطبيقات العملية للقصتين :
الأب الذي يدعو ابنه إلى المساهمة معه في مشروع خيريّ ،
أوكفالة يتيم ،
أو إعانة عوائل محتاجة ،
أو بناء مدرسة أو مسجد ،
فيبذل من ماله وجهده لذلك ، وهو قادر على ذلك ،
يقدّم صورة مصغّرة لطاعة إسماعيل لأبيه .
والشاب الذي تقتضيه دواعي الجهاد في سبيل الله أن يستمع إلى دعوة أبيه للتضحية من أجل كرامة أمته وخلاصها من نير الظلم والعدوان ، وتحقيق العدالة للمظلومين ، هو كإسماعيل في استجابته للذبح .
والفتاة التي تدعوها أمّها إلى التزام الستر الشرعي والعفاف ، وأن تكون مثالاً للفتاة النجيبة المحتشمة المحترمة ، فإنّها إنّما تستجيب لنداء ربّها من خلال دعوة أمّها بالانضباط بالضوابط الإيمانية والأخلاقية ، وهي كإسماعيل في استجابته لأمر الله من خلال دعوة أبيه .
أمّا الفتاة المتهتكة التي تسلك في طرق الخلاعة والميوعة وإظهار الزينة والغنج والخضوع في الكلام ، التي تدعوها أمّها إلى ترك هذا الاستهتار وهذا الخوض مع الخائضات في إثارة الفتن بين الشبان ، ثمّ لا تستجيب لندائها فإنّها كابن نوح الذي رفض ركوب سفينة النجاة ، ثمّ ماذا كان مصيره (فكان من المغرقين) .
والشاب الذي يدعوه أبوه للصلاة فلا يصلّي ، وإلى الصيام فيتهرّب منه ، وإلى حضور مجالس الوعظ والإرشاد فيفرّ منها ، وإلى التعاون على البرّ والتقوى فلا يمدّ يداً ولا يقدّم عوناً ، بل يسخر من أبيه لأ نّه دعاه إلى ذلك أو إلى إصلاح عيوبه واجتناب المعاصي والمنكرات ، هو أيضاً مثلُ (كنعان) السادر في غيّه ، قد لا يغرقه موج الطوفان لكنّه سيغرق حتماً في لجج الذنوب والعصيان ، وتيار الظلم والانحراف فيكون من المغرقين .
زائر زائر
موضوع: رد: قصص القرآن والحياة...2 اسماعيل ..وكنعان الطاعة والعصيان الأحد أغسطس 24, 2008 7:02 pm
جزاك الله خيـــــــراَ أخى الفاضل أبو اياد مشكور على هذا الموضوع القيم
دومت بخــيــــــــــــــــر
زائر زائر
موضوع: رد: قصص القرآن والحياة...2 اسماعيل ..وكنعان الطاعة والعصيان الإثنين أغسطس 25, 2008 6:42 am
قصص القرآن والحياة...2 اسماعيل ..وكنعان الطاعة والعصيان