ذهب الطالب الأمريكي ( جيف) إلى مدير الجامعة وقد دعاه ليهنئه بحصوله على درجة الماجستير التي نالها بتقدير ممتاز مع درجة الشرف الأولى .. بل إن التهنئة كانت بسبب أنه اصغر طالب في الولايات المتحدة الأمريكية ينال درجة الماجستير في ذلك التخصص وهذا انجازاً غير مسبوق بالنسبة للجامعة فكان عليها أن تفخر به ..
وبعد إنهاء اللقاء والوعد بالاحتفال في نهاية العام الدراسي توجه ( جيف ) خارجا من مكتب مدير الجامعة الذي لاحظ عليه الهم والحزن وعلى غير عادة الطلاب في مثل هذه المناسبات .
وفي الموعد المحدد لحفل التخرج حضر الطالب ( جيف ) بكامل أناقته واخذ مكانه المخصص له وسمع اسمه يتردد عبر مكبرات الصوت مصحوبة بعبارات المدح والثناء , ثم صعد المنصة الرئيسية ليتسلم شهادته وسط هتاف وتصفيق الحضور ..
وما أن تسلم جيف الشهادة حتى انخرط في البكاء فأخذ مدير الجامعة يداعبه قائلاً أن تبكي فرحا من فرط سعادتك بهذا الموقف فرد عليه ( جيف ) لا فأنا أبكي من فرط تعاستي .. فتعجب مدير الجامعة وسأله لماذا يا بني فأنت يجب أن تكون سعيدا فرحا في هذا اليوم .
فرد ( جيف ) : لقد ظننت بأنني سأكون سعيداً بهذا الإنجاز ولكنني اشعر بأنني لم أفعل شيئاً من أجل إسعاد نفسي فأنا أشعر بتعاسة كبيرة فلا الشهادة ولا الدرجة العلمية ولا الاحتفال أسعدني .. ثم تناول ( جيف ) شهادته وانسحب من المكان بسرعة كبيرة وسط ذهول الجميع ,ذهب جيف لمنزله وشهادته بين يديه يقلبها يمنة ويسرة ثم أخذ يخاطبها ماذا أفعل بك ؟
لقد أعطيتني مكانة تاريخية في جامعتي ومركزا مرموقا ووظيفة ستكون في انتظاري ولكنك لم تعطني السعادة التي أنشدها أريد أن أكون سعيدا في داخلي فليس كل شئ في هذه الدنيا شهادات ومناصب وأموال وشهرة لقد مللت النساء والخمر والرقص أريد شيئا يسعد نفسي وقلبي ..
يا إلهي ماذا أفعل ؟ ومرت الأيام و( جيف ) يزداد تعاسة فوق تعاسته فقرر أن يضع حداً ونهاية لحياته ففكر ثم فكر حتى وجد أن أفضل طريقة ينهي بها حياته هي أن يلقي بنفسه من فوق الجسر الكبير الشهير ( الجولدن جيت ) أو البوابة الذهبية ..
وعندما اقترب ( جيف ) من البوابة وجد نفر من الذين اختارهم الله سبحانه وتعالي ليقوموا بواجب الدعوة من شباب المسلمين ذهبوا ليدرسوا في أمريكا وكان همهم أن يدعوا إلي الله بالحكمة والموعظة الحسنة وأن يكونوا مثالاً ومثلاً للمسلم الحقيقي وكانوا يرتدون الزي الإسلامي ووجوههم مضيئة بنور الإيمان , فنظر إليهم جيف متعجباً مندهشا فاقترب منهم ليتحدث معهم ..
وسألهم من أنتم ؟ فرد عليهم أحدهم قائلا : نحن المسلمون أرسل الله إلينا محمدا صلى الله عليه وسلم ليخرجنا من الظلمات إلى النور وليجلب للبشر السعادة في الدنيا والآخرة .
وما أن سمع جيف كلمة ( السعادة ) حتى صاح فيهم السعادة ؟! أنا أبحث عن السعادة .. فهل أجدها لديكم ؟ فردوا عليه ..
ديننا الإسلام دين السعادة .. دين كله خير .. فأنصرف معنا لعل الله أن يهديك وتتذوق طعم السعادة .. فذهب معهم ( جيف ) ووصلوا إلى الغرفة التي يسكنون فيها وعرضوا عليه مزايا ومحاسن الإسلام وعظمة هذا الدين ..
فقال هذا دين حسن , والله لن أبرح حتى أدخل في دينكم فشهد شهادة الحق ,شهادة أن لاإله إلا الله وأن محمد رسول الله , وبدئوا يعلموه تعاليم الإسلام فبدأ يصلي ويقوم بما أوجبه الله عليه فوجد ضالته .. وجد السعادة التي كان يبحث عنها ثم بدء يحرص علي تعلم العلم حتى أصبح داعية وأوقف نفسه وحياته وماله وجهده في سبيل نشر هذا الدين ..
وقفة : وجد ( جيف ) السعادة والحياة الطيبة في الإسلام فما بال كثير من المسلمين لا يزالون يعتقدون بأنهم لن يجدوا سعادتهم إلا بالتشبه باليهود والنصارى مأكلاَ ومشرباَ ومركبا ومسكناً ومعشراً ؟!
- والله إن السعادة كل السعادة في أن يكون الإنسان مؤمناً بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الآخر وبالقدر خيره وشره .. السعادة كل السعادة في أن يكون الله ورسوله أحب إليه من ولده وماله ونفسه .
- السعادة كل السعادة في أن يكون الإنسان داعياً إلى الله سبحانه وتعالى مشمراً ومضحياً من أجل إخراج الناس من الظلمات إلى النور وهادياً يهديهم إلى طريق الرشاد ..
- السعادة كل السعادة في مناجاة الله في الثلث الأخير من الليل .. السعادة كل السعادة في أن تمسح على رأس يتيم وأن تصل رحمك وأن تطعم الطعام وتفشي السلام وتصلي بالليل والناس نيام .
- السعادة كل السعادة في أن تبر والديك وأن تحسن لأقربائك وأن تحسن لجارك وأن تبتسم في وجه أخيك وأن تتصدق بيمينك حتى لا تعلم بها شمالك .. هذه السعادة في الدنيا فكيف بسعادة الآخرة ..
• لقد دخل ( جيف ) في الإسلام لأنه شاهد أولئك النفر المتمسكين بدينهم والداعين إلى الله في غير أرض المسلمين .. فوالله لو أخلصنا النية والعزم لله سبحانه وتعالى واجتهدنا من أجل إيصال هذا الدين لوصل للعالم كله ..
من كتاب : ( نماذج حية للمهتدين إلى الحق )