أولا : ما أهمية صلة الرحم ؟ و ما ثوايها ؟
ج : صلة الرحم واجبة و ليست نافلة . أورد الإمام النووي في رياض الصاحين تحت باب تحريم العقوق و قطع الرحم : عن جبير بن مطعم عن النبي صلى الله عليه و سلم : " لا يدخل الجنة قاطع رحم " . و في رواية : لا يشم ريحها و إن ريحها لتشم من مسيرة كذا و كذا "
أما ثوابها :
- عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم : " يا معشر المسلمين ، اتقوا الله و صلوا أرحامكم فإنه ليس من ثواب أسرع من صلة الرحم ... فإن ريح الجنة توجد من مسيرة مائة عام . و الله لا يجدها قاطع رحم ، و لا شيخ زان ، و لا جار إزاره ]ثوبه[ خيلاء ]كبرا[ " (رواه الطبراني و هو حديث ضعيف )
- و عن عائشة رضي الله عنها أن الحبيب المصطفى صلى الله عليه و سلم قال : الرحم معلقة بالعرش تقول : من وصلني و صله الله ، و من قطعني قطعه الله " (متفق عليه)
- و في رواية لأنس رضي الله عنه : " من أحب أن يبسط له في رزقه و ينسأ له في أثره ]يطول عمره[ فليصل رحمه "
و صلة الرحم تكون مع الأقارب ، أما مع الوالدين فهي بر بهما .
ثانيا : ما حقيقة صلة الرحم ؟
ج : صلة الرحم ليس أن يوادني أقربائي فأودهم بدوري ، و ليست صلة للرحم العلاقات و المحاباة القائمة على أساس مصلحة ذاتية أو منفعة وقتية حتى إذا ما انتفت المصلحة تقطعت الأواصر .
و لا تسمى صلة رحم حين أدير لساني بالغيبة و الشتيمة في عرض فلان و فلان من الاقرباء لأنهم أساؤوا إلى ، أو بدؤوني المقاطعة ...
صلة الرحم الحقيقة و ضحها لنا الحبيب المصطفى في هاتكم القصة لما جاءه رجل يشتكي له قرابته يصلهم و يقطعونه ، و يحسن إليهم و يسيئون إليه ، و يحلم عليهم ]يرفق بهم [ ويجهلون عليه .
فأجابه سيد الخلق عليه أجل الصلاة و التسليم : " لئن كنت كما قلت ، فكأنما تسفهم المل ، و لا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك " ، أي كأنما تطعمهم الرماد الحار تشبيها لما يلحقهم من الإثم كما يلحق الألم آكل الرماد .
زد على ذلك أنه إذا كان يوم الحساب نودي على رأس الخلائق أول ما نودي : " ألا فليقم من كان أجره على الله " فلا يقوم إلا من عفا في الدنيا . و العفو أن تسامح المسئ ثم لا تحمل ضده ضغينة و لا تذكر له إسائته أبدا لا في نفسك و لا على لسانك .
و هنا و قفة قصيرة : عود نفسك كمسلم يبتغي ثواب الآخرة أن تنسى إساءات الآخرين سيما إن اعتذروا . كثيرون منا ينتهز فرصة خلافه مع أحدهم حتى يفتح سجلات الماضي و يحصي على المسئ إساءاته كاملة غير منقوصة ، رغم أن هذا المواقف قد طويت و اعتذر عنها . حينما يعتذر لك اخوك المسلم سامحه ليس في و قتها فقط و لكن للابد ، امح كل آثار تلك الإساءة ، و إن عاد فأخطأ فلا تعد فتح سجله ، ستكون بذلك قد ضيعت حسنات عفوك ، فما فائدة الاعتذار و المسامحة إن كنا سنعيد نبش الأخطاء في كل مرة ؟ و أي حياة تخلو من منغصات ؟ بل أي علاقة لا تشوبها مكدرات بين الفنية وا لفنية ؟
كن سهلا لينا : " تحرم النار على كل هين لين سهل "
أما تحب ان تنادى على رؤوس الخلائق يوم القيامة ... " فلا يقوم إلا من عفا "
ومن أعظم من الله أجرا ؟
و اسمع قول الشافعي رحمه الله
قل بما شئت في مسبة عرضي فــسكوتي عن الـلــئيم جــواب
ما أنــا عــادم الجـواب و لكن ما من الأسد أن تجيب الكلاب
ثالثا : كثير من الأبناء يشكو أن أحد و الديه أو كليهما قد قطع رحمه مع فلان و فلان ، و الابن يخشى أن يصل الرحم لئلا يغضب أبويه ، و يخاف أن يقطعها فيكون قد عصى الله طاعة للوالدين ، ما الحل ؟
الحل هو كثرة الدعاء أن يصلح الله بين المتخاصمين ، و إنكار تلك القطيعة إما بالفعل أي صلة أولئك الأقارب و لو عن طريق الهاتف أو الرسائل الألكترونية ، أو باللسان بدعوة الوالدين إلى نبذ الخلافات و النصح لهما بالحسنى ، و أقلها بالقلب و هو إنكار ما يحدث ، و كما أن المرء بنيته فالله عليم بنية ذلك العبد أن لو كان الأمر إليه ما قطع رحمه .
هذا ما تيسر جمعه
و صلى اللهم و سلم و بارك علي سيدنا محمد و على آله و صحبه و سلم
الحمد لله الذي هدانا لهذا و ما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله