فى طريق النور
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
فى طريق النور

كتاب وسنه بفهم سلف الامه
 
البوابةالبوابة  الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 أنت في صومك حر

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
islamway
مشرف قسم المنتدى العام
مشرف قسم المنتدى العام
islamway


المساهمات : 239
تاريخ التسجيل : 04/05/2008
العمر : 45

أنت في صومك حر Empty
مُساهمةموضوع: أنت في صومك حر   أنت في صومك حر Emptyالأحد سبتمبر 07, 2008 10:37 pm

بقلم د.محمود خليل ٧/٩/٢٠٠٨
الإسلام رسالة في تحرير الإنسان. ولعل جملة «أسلم تسلم» التي كانت حاضرة في رسائل الرسول - صلي الله عليه وسلم - إلي حكام الممالك والإمبراطوريات المحيطة بالجزيرة العربية تلخص هذه الفكرة. فالإنسان عندما يسلِم - بضم الياء وكسر اللام - فإنه يَسلَم - بفتح الياء واللام -.

فجوهر مفهوم الإسلام أن يسلم الإنسان قياده إلي الله ولا يخضع لأي سلطان بشري آخر عليه، ولا يختلط إسلامه بأي نوع من أنواع الشرك. وعندما يتمكن الإسلام بهذا المفهوم من عقل وقلب الإنسان فإنه يصبح حراً طليقاً يتحرك في الحياة دون أن يعترف بأي قيد يمكن أن يسلسله به أحد. وقد أوجد الله من خلال ما فرضه علي المسلم من عبادات وتوجيهات نظاماً يستطيع الفرد - من خلاله - أن يتعلم درس الحرية.

وأول موضوعات هذا الدرس هو أنك حر ابتداء في أن تؤمن بما جاء من عند الله أو تكابر وتكفر به «وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر». وحين جعل الله قضيــة الإيمان به قضية اختيار قائم علي الحرية فقد أراد أن يشعر (بضم الياء وكسر العين) الإنسان بحجم تفاهته عندما يستعبد لبشر الأرض الذين خلقوا مثله من طين ويجري عليهم ما يجري عليه من سنن الحياة والموت !.

فالإنسان الذي تستعبده زوجة أو أولاد أو مال أو منصب أو وظيفة هو إنسان - من المؤكد - تافه، وقد تخلي عن حريته في الاختيار الذي قرره الله تعالي له، وجعله حقاً من حقوق الإنسان حتي في الإيمان به جل وعلا «قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتي يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين».

وقد شرع الله للإنسان العديد من الأحكام، ووجهه إلي العبادات التي يمكن من خلالها أن ينال حريته ويفلت من سلطان أهل الأرض عليه ليخلص له في إسلامه. فالله تعالي ارتضي للرجل تعدد الزوجات كي لا يستعبده حب امرأة واحدة، وشاء للمرأة أن تزهد في الرجل زهداً تاماً خلال أيام محددة كل شهر، ورخص للاثنين في كثرة الإنجاب حتي لا يستعبــدهما الأولاد.

وقد زين الله للإنسان الاستكثار في هذه الأمور لكي يكون موحداً لخالقه، ومشركاً في نظرته إلي شهوات الدنيا « زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين». فأنت لا تستطيع أن تكون حراً وأنت تري في امرأة معبدك، ولا يمكن أن تكون طليقاً وأنت تري في أولادك جوهر حياتك.

كذلك فقد نهي الله عن اكتناز المال، وأمر بإنفاقه حتي لا يصبح صنماً يتعبد الفرد في محرابه. فتراكم المال يتناقض مع ما يفترض في الإنسان من وعي بأنه كائن زائل يحيا حياة فانية، وأنه سوف يحاسب في النهاية علي كل جنيه دخل جيبه أو خزينته أو سكن تحت بلاطته «وأنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلي أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين».

بل إننا نجد في القرآن الكريم تحقيراً لقيمة المال كأداة للسيطرة والحكم. فالقيادة في الإسلام منوطة بالقدرة، وقد احتفي القرآن في هذا السياق بالقدرة العلمية « إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم»، وكذلك القدرة الجسمية - المفتولة من الأمانة - عندما يستوجب الموقع ذلك «إن خير من استأجرت القوي الأمين».

وفي المجمل جعل الله الملك - أي الوصول إلي المناصب بالتعبير المعاصر - مسألة تقديرية يقرر الله تعالي بحكمته فيها ما يشاء «قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك علي كل شيء قدير». فكل المطلوب منك أن تعيش حراً حتي يرضي الله عنك وتجري عليك مقاديره، فيعطيك ويعزك.

كذلك فأنت في صومك حر. فعندما تتوقف عن الأكل والشرب وممارسة حياتك الطبيعية علي مدار ساعات محددة في أيام الشهر الكريم فأنت تتحرر من أن يستعبدك طعام أو شهوة أو عادة. لذلك فإن الناس تستغرب من الحالة النفسية الجيدة التي ينعمون بها في رمضان، والمزاج المعتدل الذي يعيشون في ظلاله. والسبب في ذلك هو الإحساس بالحرية الذي يشعر به الفرد في الصيام، فيؤدي إلي تحسن حالته النفسية واعتدال مزاجه العام.

أما الإحساس بالتوتر والقلق والإرهاق والمعاناة بقية شهور العام فإنه يرتبط بالانخراط في دائرة الاستعباد للأسرة والمــال، والجاه والمناصب، والطعام والشراب، والعادات وغير ذلك. والاستعباد لكل هذه العنــاصر يؤدي بالإنسان إلي مزيد من الإحساس بالعجز والإحباط، لأنه يسلم عقله ونفسه وجسده لغير الله فيفقد حريته.

فالعبد المملوك لمال أو لسطة أو لزوجة أو لولد لا يقدر علي شيء، بل هو مصاب بالعجز علي طول الخط، علي عكس الإنسان السوي الذي يعلم أن رسالة الإسلام هي دعوة للتحرير والتغيير «ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر علي شيء ومن رزقناه منا رزقًا حسنًا فهو ينفق منه سرا وجهرا هل يستوون الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون».

لذلك كان شهر رمضان مستودعاً زمنياً للكثير من الانتصارات التي شهدها المسلمون، لأن شعورهم بالحرية خلال أيامه يكون أعلي.

والنصر الحقيقي الذي حققه المصريون ضد إسرائيل كان في ذلك الشهر، نصر العاشر من رمضان الذي تهل ذكراه بعد أيام. تلك الذكري التي استلهم فيها الشعب المصري روح الحرية التي فاض بها الإسلام علي نفوسهم، وخاضوا معركة وصفها المؤرخون بـ«معركة التحرير».

لذلك فأنا أتعجب من سخافة العقل المصري الذي يتحــدث عن «روح أكتوبر» جاهلاً بالروح الحقيقية التي ولدت النصر وهي «روح رمضان» التي علمت المصريين درس التحرير والتغيير، ومعني ومدلول عبارة «الله أكبر»، ومغزي الحرية الساكن فيها.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
أنت في صومك حر
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
فى طريق النور :: المنتديات العامه :: المنتدى العام-
انتقل الى: